هل تساءلت يومًا ماذا كان شكل الحياة قبل الكهرباء والإنترنت والأجهزة الإلكترونية؟
كانت الحياة معروفة بالهدوء والبطء وبذل الكثير من الجهد والمال والوقت للحصول على كم محدود من الإنتاجية المطلوبة. كان ذلك سائدًا في جميع القطاعات والمنشآت مثل المصانع والمزارع والمستشفيات والمدارس وحتى المنازل أيضًا.
بدأ الإنسان يبحث عن حلول تجعل الحياة أكثر سهولة وإنتاجية، ومر بالكثير من الاختراعات والأساليب التي نجح البعض منها وفشل البعض الآخر. حدثت الكثير من التطورات والتحديثات في عالمنا بعد اختراع عدد كبير من الأجهزة الكهربائية المختلفة التي ساهمت في حفظ كل من الوقت والمجهود، والمال.
ثم بدأ ظهور الإنترنت في كل مكان من حولنا. ساهم وجود الأجهزة والشاشات الإلكترونية في المنشآت والمؤسسات الآن إلى حد كبير في تيسير الأعمال والمهام مع الحفاظ على تحقيق النتائج المطلوبة بشكل صحيح وأكثر خصوصية. خلال السنوات الأخيرة ظهرت تقنية جديدة تُعرف باسم الذكاء الاصطناعي، ولكل تقنية دورها في تغيير حياة الأفراد والتأثير على أسلوب معيشتهم.
ما هو الذكاء الاصطناعي؟
هو فرع من علوم الكمبيوتر يعتمد بشكل أساسي على الخوارزميات وتحليل البيانات المضافة إليه، لكي يصمم بها نمطًا أو مجموعة من القواعد لتنفيذ بعض المهام بشكل آلي من البداية إلى النهاية. في السابق كان يتم تنفيذ المهام من خلال الأيدي العاملة، ولكن هناك نسبة من الخطأ البشري أو الحالات المرضية والإصابات التي قد تعيق سير العمل وسلسلة المهام، لذا كان مُرحَّبًا باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي في العديد من التطبيقات الحياتية الهامة.
ما هي الفائدة من استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي؟
كما ذكرنا سابقًا فإن أهم فائدة لاستخدام تلك التقنية هي تقليل نسبة الخطأ البشري التي تؤثر على جودة الخدمة أو المنتج المُقدَّم، وإن كان هناك نسبة أخطاء آلية أو برمجية فهي محدودة جدًا ويستطيع المبرمج المختص أن يتعامل معها بكل سهولة.
يستطيع مُستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي ضبط وأتمتة المهام بحيث يجعلها تعمل من تلقاء نفسها وتتكرر أيضًا بعدد مرات محدد وتتوقف عند مرحلة معينة. يعتمد الكثير من المستخدمين على الذكاء الاصطناعي لتحليل عدد ضخم من البيانات خلال وقت قياسي وبدقة شديدة، وبهذه الطريقة تعتبر تقنية الذكاء الاصطناعي حلًا عبقريًّا يحقق الأهداف المطلوبة دون إضاعة المزيد من الوقت.
أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي
دخل الذكاء الاصطناعي في العديد من القطاعات والمجالات المختلفة التي تخدم الأفراد والمؤسسات في الحياة اليومية، حتى أصبح لا غنى عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي خاصةً في الدول المتقدمة التي تتمتع بالبنية التحتية التكنولوجية القوية. من أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي:
1-التعرف على الكلام وتحويله إلى نص مكتوب بدلًا من الكتابة اليدوية. تقوم العديد من التطبيقات بمثل هذه الخدمة مثل تطبيق Dragon NaturallySpeaking.
2-تطبيقات التنقل والخرائط التي تشرح لك حالة المرور الفعلية والوقت المُستغرق في الرحلة خلال أنواع المواصلات المختلفة، كما يوضح لك أي الطرق هو الأقصر مسافةً حتى تصل للوجهة المطلوبة. تجد كل تلك الخدمات في تطبيق Google Maps.
3-المساعد الصوتي الذي يتلقى من خلال المستخدم مجموعة من الأوامر والتوجيهات مثل تشغيل الصوت أو فتح بعض الملفات، من أهم المساعدين الصوتيين: Siri من Apple، وAmazon Alexa.
4- الاقتراحات والتفضيلات الشخصية التي تظهر لك عند الاستماع إلى مقطع فيديو أو موسيقى أو فيلم محدد. تستطيع تقنية الذكاء الاصطناعي التوقع والتخمين بناء على ما سبق لك البحث عنه خلال تطبيق Youtube.
5-التسويق الرقمي والإعلانات الممولة التي تظهر لدى الأفراد على مواقع التواصل الاجتماعي. يلعب الذكاء الاصطناعي دورُا هامًا في تحليل سلوك المستهلك وفهم الاهتمامات التي يبحث عنها باستمرار، لأن ذلك يساعد على استهداف الفئة المناسبة من العملاء.
6- تحليل ومراقبة البيانات لحمايتها من العناصر المشبوهة التي تشكل خطرًا على الأنظمة والملفات الضخمة التي ترتبط بعمل المنشآت ومؤسسات الخدمات العامة.
7- تطبيقات الرعاية الصحية التي تقوم بقياس ومتابعة مستويات المؤشرات الحيوية في جسم الإنسان بشكل يومي. تقوم تلك التطبيقات بحساب عدد الخطوات في اليوم وعدد السعرات الحرارية للأغذية المختلفة في النظام الغذائي.
الوجه الآخر للذكاء الاصطناعي
لا شك أن جميع أنواع التقنيات التي ظهرت مؤخرًا تعد سلاحًا ذو حدين، كما أنها تحتاج إلى درجة أكبر من المسؤولية والحكمة في استخدامها، لأنها قد تلحق أضرارًا كبيرة بأفراد المجتمع. إليك أهم الأضرار والمخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي:
1-الجانب الاجتماعي.
هناك مؤشرات إحصائية تفيد بانخفاض معدل التفاعل الاجتماعي بين البشر بسبب تدخل الانترنت وتقنياته المتنوعة سواء في نطاق العمل أو المنزل أو أي مكان عام، مما أدَّى إلى حدوث فجوة في التعامل والعلاقات وأصبح التفاهم بين الأفراد صعبًا مع زيادة الخلافات والمشاحنات والسلوك العدواني إلى حد كبير.
2-خصوصية البيانات وأمن المعلومات.
تقوم فكرة الذكاء الاصطناعي على جمع المعلومات والبيانات المختلفة لتصميم وتنفيذ مجموعة قواعد وخطوات بشكل آلي دقيق، ولكن هذه البيانات ليست مجرد كلمات أو تعليمات لتنفيذ المهام بل هي أكثر من ذلك. تشمل هذه البيانات أصوات المستخدمين وبعض المعلومات الحساسة مثل الصور الشخصية أو عنوان المنزل ورقم الحساب البنكي ومقر العمل وما إلى ذلك.
هناك الكثير من المخاوف بشأن حدوث أخطاء تقنية أو اختراق أمني قد يؤدي لاستخدام البيانات الشخصية بشكل احتيالي أو ضار.
يشعر العديد من المستخدمين للانترنت بالقلق تجاه الشخصيات الافتراضية التي تم إنشاءها حاليًا بواسطة تقنية الذكاء الاصطناعي، لأنها تشبه إلى حد كبير شكل البشر الحقيقي وتستخدم أصواتًا بشرية.
3-فقدان السيطرة والتحكم.
يمثل الاعتماد على الذكاء الاصطناعي بشكل مبالغ فيه خطرًا في اتخاذ القرارات الحاسمة التي تؤثر على حياة الشعوب مثل: الاستخدام في السلاح الحربي للدول. ليس من الصواب استخدام الأسلحة ذاتية التحكم دون تفكير وتخطيط وتحليل دقيق تجاه العمليات العسكرية عن طريق البشر.
4-التغيير في سوق العمل وزيادة معدلات البطالة.
فقد الكثير من الأفراد وظائفهم داخل المؤسسات والشركات الكبرى بسبب اعتمادها على برمجة وأتمتة المهام المتكررة بشكل آلي لضمان نسبة خطأ أقل. أدى هذا الخيار إلى الاستغناء عن توظيف العديد من أفراد العمالة الذين كانوا يقومون بتلك الأدوار بشكل يدوي. يواجه أولئك الأفراد صعوبة في الحصول على وظائف بديلة لا تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
خبر سار: هناك تخصصات أكاديمية ستظل بعيدة عن الذكاء الاصطناعي
لا زال هناك بعض المهن والتخصصات الأكاديمية التي لا تعتمد على البيانات والأرقام، كما أنها لا تتطلب تكرارًا ثابتًا للمهام لأن طبيعتها متغيرة إلى حد ما بسبب التعامل بشكل مباشر مع فئات البشر المختلفة وليس الآلة أو المنتج. أهم ما يميز طبيعة هذه المهن أيضًا هو المرونة والتبديل بين المهام وتصحيح الأخطاء بشكل يدوي.
5 تخصصات أكاديمية لن يحل محلها الذكاء الاصطناعي
1-العلوم الإنسانية والاجتماعية:
تلك العلوم تدرس جوانب مختلفة من الإنسان وتفكيره البشري وتجاربه الشعورية بشكل مفصل، ويشمل ذلك تخصصات الأدب واللغات والفلسفة وعلم النفس والتاريخ. من الصعب على الذكاء الاصطناعي تحليل ونقد النصوص الأدبية أو التفكير والإجابة حول أسئلة الوجود.
لا يمتلك الذكاء الاصطناعي أي خبرات حقيقية في دراسة المجتمعات والتفاعلات البشرية أو السلوك البشري ولا علوم السياسة والاقتصاد، لأنها علوم تعتمد على التجارب والمشاعر الخاصة بالنفس البشرية.
2-الفنون والتصميم
إن أدوات الذكاء الاصطناعي تعتمد على الأرقام والأوامر والتعليمات، لكنها لا تملك حسًا فنيًا أو مُخيلة إبداعية، لذا لا يتم الاعتماد عليها في هذه التخصص. ينتج الفرد كمية هائلة من الإبداع والفنون بعد تعرضه للكثير من التجارب والأحداث التي تمده بالعاطفة القوية والإلهام. كل لون من ألوان الفنون يعد تجربة فريدة من نوعها، وهي شيء لا يمكن تكراره بشكل آلي.
3-الطب والرعاية الصحية
يعتبر تخصص الطب البشري من التخصصات الأكاديمية الغنية بالتفاصيل المعقدة التي تعتمد بشكل كبير على الملاحظة والاستنتاج والقياس والتعامل بدقة وعناية مع شكوى المريض. قد يتم استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في التشخيص والعلاج ولكن بشكل ثانوي، مثل تطبيقات الصحة التي تقيس الخطوات ومعدل ضربات القلب.
4-التعليم
إن عملية التعليم في أساسها هي تواصل ناجح بين الطلاب والمعلمين، لكي يتمكن المعلم من نقل العلوم والقيم الأخلاقية للطلاب من خلال العديد من الأساليب التعليمية والتربوية السليمة. لا يتمكن الذكاء الاصطناعي من التمييز بين شخصيات الطلاب وقدراتهم المختلفة والتعامل معهم بذكاء، لذا فإن تخصص التعليم لا يرتبط بتقنية الذكاء الاصطناعي إطلاقًا.
5-القانون
ترتبط تخصصات القانون والمحاماة بالقوانين الدستورية التي وضعتها كل دولة، ويجب على المحامين والقضاة فهم كافة القوانين والتشريعات الدستورية والتفكير العميق في ملابسات القضايا والتواصل بطريقة فعالة مع جميع أطرافها. من الصعب على تقنيات الذكاء الاصطناعي تنفيذ تلك الأدوار بدقة مع مراعاة اختلاف القضايا وملابساتها. لا يوجد برمجة أو أتمتة آلية تعادل دور المحامي أو القاضي.
في نهاية هذا المقال أصبح لديك خلفية واسعة حول تقنية الذكاء الاصطناعي وكيف كان شكل الحياة قبل وصول كل تلك التقنيات إلى أيدينا. قدمنا إليك عدد من أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العصر الحديث، وشرحنا أيضًا بعض المخاوف والسلبيات حول تلك التقنية بالنسبة لسوق العمل، وأمن المعلومات، والعلاقات الاجتماعية.
لديك أيضًا 5 تخصصات أكاديمية لن يحل محلها الذكاء الاصطناعي لأنها تعتمد على العناصر البشرية بشكل متعمق، ولا يمكن أن تتدخل تلك التقنية في مثل هذه المهن لأنها لا تستطيع تنفيذها بالكيفية والكفاءة المطلوبة.
يمكنك التواصل معنا إذا أردت الاستفسار حول المزيد من التخصصات الأكاديمية المختلفة